
زراعة البن في اليمن: تحديات الإنتاج وطموحات الاستثمار
8 ديسمبر، 2025دراسة حول زراعة البن في اليمن
زراعة البن في اليمن: تحديات الإنتاج وطموحات الاستثمار
اعـــــــــــــــــــداد: م. أشرف محمد خنبري
بالتعاون مع: المركز الوطني للبن
المقدمة
يتميز البن اليمني بجودته العالية ونكهته الفريدة، ويعد من أقدم أنواع البن في العالم، حيث يزرع في المرتفعات الجبلية الوعرة في اليمن، مما يضفي عليه خصائص مميزة، وقد عرف البن اليمني خلال القرون الماضية باسم قهوة الموكا والمشتقة من أسم ميناء المخا اليمني الذي كان مركزًا لتصدير البن منذ القرن السادس عشر الميلادي، وعلى مدار قرون شكّلت القهوة أهم الصادرات اليمنية وأكثرها شهرة حتى يومنا هذا، حيث ينتج اليمن البن إلى جانب 80 دولة حول العالم ولكن بكميات محدودة، ويعتبر البن اقتصادياً ثاني سلعة بعد البترول. وتتصدر دول أمريكا اللاتينية الإنتاج العالمي بنسبة تبلغ 55%، تليها الدول الأسيوية 30%، فأمريكا الشمالية 15%، ثم الدول الأفريقية 10%.
وتعد شجرة البن ذات أهمية كبيرة للإنسان اليمني، ليس كونها شجرة متأصلة بقدم الانسان اليمني فقط، وإنما باعتبارها هوية إنسان ووطن. وقد تعرضت شجرة البن في العصر الحديث لتدهور ملحوظ جراء الإهمال الزراعي، وضعف الاستثمار، وتشتت الجهود التسويقية، مما أدى إلى تراجع مساهمته في الاقتصاد الوطني ، ومع ذلك فإنه يمكن استعادة البن لمكانته وقيمته الاقتصادية والوطنية كون هذه السلعة تحظى بأهمية وطنية واقتصادية واستثمارية بل وحتى الثقافية.
وفي الوقت الراهن، تنتشر زراعة البن بين الارتفاعات الواقعة من (700 – 2200) متر فوق مستوى سطح البحر. ويسمى عادةً بأسماء المناطق التي تزرع فيها، ويتفاوت إنتاج البن من سنة إلى أخرى، حيث بلغ عام 2023م (24,640) اربعة وعشرين ألف وستمائة وأربعين طن من مساحة قدرها (36,829) هكتار بمتوسط إنتاجية للمحصول بلغت (669) كجم/هكتار. ومع الأهمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبن في اليمن، إلا أن هذا المحصول الزراعي الهام يشهد تراجعاً ملحوظاً سنة بعد أخرى جراء ضعف الاستثمار في زراعة البن،
تنبع أهمية البن في اليمن من تاريخه العريق، حيث يعود تاريخ زراعة البن في اليمن إلى قرون مضت، ويعتبر اليمن من أقدم الدول التي بدأت بزراعة البن وتصديره، كما يتميز البن اليمني بنكهته الغنية والمعقدة، التي غالبًا ما تتضمن لمسات من التوابل، والفواكه الجافة، والشوكولاتة، ويُعتبر من بين أجود أنواع البن في العالم، ويحظى بتقدير كبير من قبل عشاق القهوة، كونه ما يزال وحتى يومنا هذا ينتج باستخدام أساليب زراعية تقليدية. وبصفة عامة فإن البن في اليمن يعد أحد الرموز الثقافية اليمنية كونه جزء من الهوية والثقافة، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بتاريخ وحياة اليمنيين.
تسهدف هذه الدراسة والتي تم إعدادها بدعم من قبل الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية ومنظمة العمل الدولية (ILO) الى تحليل واقع زراعة البن في اليمن، وتحديد أهم التحديات التي تواجه مزارعي البن، إلى جانب استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة في هذا القطاع، وكيف يمكن تعزيز سلسلة القيمة للبن اليمني، وتقديم توصيات عملية تسهم في تعزيز زراعة البن واستثماره وربطه بالتنمية المستدامة.
وقد اعتمدت المنهجية المستخدمة في هذه الورقة البحثية على التحليل المكتبي لدراسات وتقارير وإحصائيات ذات علاقة بموضوع الورقة، إلى جانب المنهجية التشاركية مع الجهات ذات العلاقة وبالأخص مع المركز الوطني لتنمية وتطوير البن، فضلاً عن تنفيذ مسح ميداني لعينات مختارة في مناطق زراعة البن، وعقد لقاءات تشاورية مع مدراء مركز البن، الإنتاج النباتي، التسويق والتجارة الزراعية، الإتحاد التعاوني، وعد من الجمعيات والشركات المختصة بإنتاج وتسويق البن.
البن اليمني كمنتج استراتيجي وطني
يعد البن اليمني أحد أكثر أنواع البن جودة على المستوى العالمي، حيث أجاد اليمنيون زراعة البن في المناطق الجبلية المرتفعة، ويُعرف البن اليمني باسم البن العربي Coffea arabica، وتحت هذه التسمية توجد العديد من الأصناف المحلية إلا أن أكثرها انتشاراً هي: العديني، الدوائري، والبرعي، وتُطلق تسميات أصناف البن نسبةً إلى المناطق التي يزرع فيها مثل: اليافعي، الحمادي، المطري، الحيمي، البرعي، والحرازي.
وخلال السنوات 2020 – 2023، بلغ متوسط المساحة المزروعة بالبن في اليمن حوالي 36.8 ألف هكتار موزعة على حوالي 16 محافظة يمنية، فيما بلغ حجم الإنتاج السنوي في المتوسط خلال الفترة حوالي 23 ألف طن (الإحصاء الزراعي 2023)، من ناحية ثانية وعلى الرغم من زراعة وإنتاج البن في أغلب المحافظات اليمنية، إلا أن معظم الإنتاج يتركز في عدد محدود من المحافظات حيث أنتجت محافظة صنعاء حوالي 37% من إجمالي الإنتاج خلال
العام 2023 وبطاقة إنتاجية بلغت أكثر من 9 ألف طن تليها محافظة ريمة بحوالي 5.2 ألف طن وبنسبة 21% من إنتاج البن في اليمن خلال العام، تليها محافظة صعدة بحوالي 2.3 ألف طن وبنسبة 10% من إجمالي الإنتاج ، ثم كل من محافظتي المحويت وحجة بطاقة إنتاجية بلغت الفين طن لكل منهما وبنسبة 8% من إجمالي الإنتاج، وتتوزع النسبة الباقية من الإنتاج والبالغة 16% وبقيمة 3.8 ألف طن على حوالي 11 محافظة يمنية.
من ناحية ثانية، بلغ بمتوسط إنتاجية الهكتار في اليمن خلال السنوات الماضية حوالي 622 طن، مع الاختلاف من محافظة إلى أخرى (شكل 2)، حيث تأتي محافظة ذمار في المركز الأول من حيث إنتاجية الهكتار من البن وبحوالي 916 طن/ هكتار وهو معدل إنتاج عالي مقارنة ببقية المحافظات، تليها محافظة صنعاء بحوالي 783 طن/ هكتار ثم البيضاء 773 طن/هكتار، فيما سجلت محافظتي الضالع ولحج أدنى معدل إنتاجية للهكتار، حيث بلغت الإنتاجية للهكتار في محافظة الضالع حوالي 521 طن وفي محافظ لحج 522 طن.
ونظراً لأهمية البن بالنسبة لليمنيين كسلعة استراتيجية عالمية، فقد انضمت اليمن إلى منظمة البن الدولية (ICO) باعتبارها دولة منتجة للبن، حيث صادقت على الاتفاقية في 27 فبراير/شباط 2008، حيث يتم تصدير البن اليمني للخارج في أربع صور هي: بن أخضر مجفف (جفل)، وحبوب بن فاخرة ومفروزة، وبن صافي محمص (حبوب القشر مفصولة)، وقهوة مقشورة (تجارية). وتشير البيانات الواردة في جدول (1) إلى أن قيمة الصادرات اليمنية من البن عام 2014 بلغت حوالي 16.7 مليون دولار، وتزايدت الى 21.5 مليون دولار عام 2020، بزيادة قدرها 4.8 مليون دولار، ومعدل 28.7% مقارنة بعام 2014، وبلغ قيمة الصادرات لمتوسط الفترة 18.1 مليون دولار. وبذلك احتلت اليمن المرتبة 61 ضمن قائمة مصدري البن في العالم، ويصدر البن اليمني للأسواق العالمية أهمها: المملكة العربية السعودية، الكويت الامارات، سلطنة عمان، الولايات المتحدة، اليابان، كوريا الجنوبية، مصر، المملكة المتحدة، ألمانيا، بالإضافة لبعض الدول الأخرى لكن بنسب متفاوتة وضئيلة. وبالرغم من أن صادرات البن اليمني لا تمثل سوى حصة رمزية من خطوط الإنتاج العالمية، إلا أنه من الممكن أن يشكل دعماً للقطاع الزراعي بشكل عام وقطاع سلاسل القيمة للبن اليمني الذي يعد من أكثر أنواع البن المرغوب عالمياً بنكهته الفريدة والمرغوبة في الأسواق العالمية، مما يؤدي إلى توسع زراعته، وتحسين المستوى الاقتصادي لمزارعي البن اليمني واسرهم (الحكيمي 2024).
وخلال العام 2022 شهدت الصادرات اليمنية من البن تراجعاً ملحوظاً لتصل إلى حوالي 11.6 مليون دولار، ومن ثم تراجع موقع اليمن في قائمة مصدري البن الدوليين إلى المرتبة 77 . من ناحية ثانية وعلى الرغم من زراعة وإنتاج البن في اليمن منذ آلاف السنين، إلا أن اليمن في الوقت الراهن تستورد بعض أنواع البن الرخيصة من الدول الأخرى، حيث بلغت قيمة الواردات من البن في عام 2022 حوالي 2.61 مليون دولار (Observatory of Economic Complexity).
تحديات الإنتاج والصعوبات في قطاع البن:
مع أن اليمن تمتلك ميزة نسبية كبيرة في إنتاج وتسويق محصول البن مقارنة بالدول المنتجة الأخرى سواءً من حيث الجودة أو معدل الأسعار في السوق الدولية ، أو ممارسات الإنتاج والتجهيز للمحصول، إلا أن زراعة البن في اليمن تواجه تحديات كبيرة تؤثر على إنتاجها وجودتها، مما يهدد مكانتها كأحد أبرز منتجي البن عالي الجودة عالميًا، ويمكن توضيح أهم التحديات على النحو الآتي:
المجال التحديات
المناخ والبيئة o شح المياه اللازمة للري ، خاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة، مما يؤثر على إنتاجية البن.
o التغيرات المناخية كدرجات الحرارة العالية وتراجع هطول الأمطار
o زيادة الآفات والأمراض، وانخفاض الغلة.
التحديات الزراعية o تدهور الأراضي الزراعية بسبب عوامل مختلفة
o الاستخدام المفرط للمبيدات والسموم في زراعة القات.
o تحول بعض الأراضي الزراعية إلى زراعة القات
التحديات لاقتصادية o محدودية دخل المزارعين، مما يقلل من حماسهم للاستمرار في زراعته.
o ارتفاع تكاليف الإنتاج ( الأسمدة والمبيدات الحشرية ) يزيد من تكلفة الإنتاج ويقلل من أرباح المزارعين.
o المنافسة العالمية: تواجه زراعة البن اليمني منافسة شديدة من منتجين آخرين للبن في الأسواق العالمية.
التحديات لاجتماعية o نقص العمالة اللازمة للعمل في مزارع البن، خاصة بين الشباب، مما يؤثر على الإنتاجية.
o قلة الوعي الزراعي ونقص المعرفة بالتقنيات الزراعية الحديثة وكيفية التعامل مع الآفات والأمراض، مما يؤثر على جودة البن.
تحديات أخرى o نقص الأبحاث والدراسات اللازمة لتطوير زراعة البن وتحسين إنتاجه ومقاومته للأمراض والآفات.
آثار الصراع والحرب وما نجم عنها من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وتأثير ذلك على القطاعات الاقتصادية ومنها قطاع البن، وفي هذا السياق تظهر البيانات المتاحة الفارق الكبير بين مستويات الإنتاج في اليمن والإنتاج في دول أخرى كالبرازيل وكولومبيا وأثيوبيا، بل وحتى دول أخرى كالهند وتنزانيا.
وبصفة عامة يمكن توضيح واقع زراعة البن في اليمن من حيث الوضع الراهن والفرص المستقبلية.
تحليل SWOT لزراعة البن في اليمن
نقاط القوة Strengths))
جودة عالية ونكهة فريدة.
تراث زراعي يمتد لقرون.
أصناف متنوعة ومميزة حسب المناطق.
زراعة طبيعية وخالية من المبيدات.
سمعة عالمية متميزة في أسواق البن المتخصص.
نقاط الضعف (Weaknesses)
بنية تحتية زراعية ضعيفة.
إنتاجية منخفضة بسبب تقنيات الزراعة القديمة.
ضعف التمويل والدعم المؤسسي.
غياب المعايير الوطنية للجودة.
نقص في الترويج والتسويق الاحترافي.
الفرص Opportunities))
تزايد الطلب العالمي على القهوة المتخصصة.
إمكانية تطوير سلاسل القيمة محليًا.
أسواق تصديرية واعدة في أوروبا والخليج وآسيا.
شراكات مع منظمات دولية لدعم التنمية الزراعية.
إدخال التكنولوجيا لتحسين الإنتاج والجودة.
التهديدات (Threats)
تغير المناخ وندرة المياه.
المنافسة من دول منتجة مثل إثيوبيا وكولومبيا.
التهريب وفقدان العائد المحلي.
عدم الاستقرار السياسي والأمني.
غياب التنظيم الحكومي والتنسيق المؤسسي.
استبدال مزارع البن بمزارع القات لغرض الربح السريع
تحليل سلاسل القيمة لمحصول البن في اليمن.
يُعتبر البن اليمني من أقدم وأشهر أنواع البن في العالم. وبدأ اليمن في تصدير البن من موانئ المخاء وعدن منذ القرن الخامس عشر. ويُعتبر من أفضل أنواع البن في العالم، وأحد الأنواع النادرة التي تتمتع بجودة عالية وطلب مستمر في الأسواق العالمية، إلا أن إنتاجه لا يمثل سوى 0.2% من الإنتاج العالمي، لكنه يتفوق في مستوى الجودة والطلب عليه في
الأسواق الفاخرة. ويُباع في الأسواق العالمية بأسعار تتراوح بين 20-30 دولار أمريكي/ كجم، حسب الجودة والنوع، بينما تتراوح أسعار البن البرازيلي والفيتنامي بين 2-7 دولار/ كجم.
يتمتع البن اليمني بجودة فائقة بفضل المناخ الفريد والتقنيات الزراعية التقليدية، ويمكن للبن اليمني أن يحقق نموًا مستدامًا ويزيد من حصته في الأسواق العالمية، ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل والمزايا النسبية التي يتمتع بها مقارنة بالبن المنتج في بقية دول العالم وأهمها:
- الزراعة العضوية: معظم مزارع البن في اليمن تعتمد على الزراعة العضوية التي تساهم في الحفاظ على النكهة الأصلية للبن دون إضافة مواد كيميائية قد تؤثر على جودته.
- التربة البركانية: المناطق الجبلية في اليمن،تتمتع بتربة غنية بالمعادن التي تعزز نمو البن وتضيف له نكهات مميزة.
- الطرق الإنتاجية التقليدية: فحصاد البن يدويًا والمعالجة التقليدية التي يعتمد عليها المزارعون في اليمن تُسهم في الحفاظ على جودة البن وتعزيز نكهتها الطبيعية.
- الإنتاج المحدود: إنتاج البن اليمني محدود جدًا مقارنة بالدول الكبرى المنتجة للبن، مما يجعل الطلب على البن اليمني مرتفعًا في الأسواق المتخصصة حيث يُزرع البن عادةً في الأراضي الجبلية على ارتفاعات تتراوح بين 1,500 متر و2,500 متر فوق سطح البحر.
وبصفة عامة يمكن تحليل سلاسل القيمة لإنتاج وتسويق البن في اليمن على النحو الآتي:
- الجهات الفاعلة الأساسية في سلسلة القيمة.
ويمكن توضيح أهم الفاعلين المحليين في إنتاج وتسويق البن في اليمن، وذلك على النحو الآتي:
الجهات الفاعلة الأساسية في سلسة القيمة لمحصول البن في اليمن
المزارعون:
يشكل مزارعو البن الحلقة الرئيسية في سلسلة القيمة، حيث يقومون بزراعة وإنتاج البن الطازج، وممارسة العمليات الزراعية والحصاد والتجميع والنقل والتجفيف وبيعه للتجار بشكل حبوب جافة في الأسواق الأسبوعية.
تجار المنطقة/ المجمعون:
وهم الأشخاص الذين يقومون بشراء وتجميع البن المجفف من المزارعين والأسواق المحلية وببعها مقابل ربح من تجار المعالجة.
تجار الجملة:
يعتبر تجار الجملة من اهم الفاعلين في السلسلة، فهم يقومون بشراء البن المجفف من المزارعين أو تجار المنطقة والمجمعين ومعالجتها (تنظيف وتقشير وطحن وتعبئة وتغليف) وببيعها لتجار التجزئة والسوبر ماركت والمطاعم والكافتيريا والمستهلك.
المصدرون:
يشكل المصدرون حلقة مهمة في السلسلة، ويقومون بشراء المنتج من معامل المعالجة ومن المزارعين، بعد عمليات التنظيف والتقشير والتعبئة والتغليف ومن ثم تصديره للأسواق الخارجية.
تجار التجزئة:
وهم يمثلون حلقة الوصل بين تجار الجملة والمستهلكين، حيث يقومون بشراء البن المعالج من تجار الجملة وتجزئته وبيعه للمستهلك على شكل بن مطحون وقشر.
وتجار التجزئة يتمثلون بالبقالات والدكاكين والسوبر ماركت والمطاعم والكافتيريا والمحلات المنتشرة في القرى والاحياء الريفية.
المستهلكون:
تعتبر القهوة مشروب شعبي واسع الانتشار في مناطق الدراسة والمناطق اليمنية بشكل عام. ويتم استهلاك القهوة عدة مرات يومياً، في الصباح الباكر والظهيرة والمساء. ورغم جودة البن المحلي وتفضيل المستهلك اليمني له، إلا أن مبيعاته اقل من المستورد بسبب انخفاض أسعار البن المستورد.
من خلال التحليل يمكن القول أن:
- هناك فجوات كبيرة في الحصول على عوائد الإنتاج في المراحل الإنتاجية والتسويقية المختلفة لمحصول البن، حيث يحصل المزارعون (المنتجون) للبن على حوالي 15% فقط من القيمة الإجمالية للسلعة النهائية مقابل 85% يتم الحصول عليها في مرحلة التوزيع (الوسطاء: 40% ، المصنعون المحليون: 20%، المصدرون: 25%).
- بما أن محصول اليمن في اليمن يباع في صورته الخام فإنه يخسر جزء مهم من العوائد في حال تم تحويله إلى منتج مصنع داخل اليمن ، حيث يمكن لمرحلة التصنيع أن تزيد في القيمة النهائية للمحصول بنسبة 40%.
- هناك حاجة ماسة لدمج المراحل المتعلقة بالإنتاج والتسويق والتوزيع من خلال إنشاء تعاونيات تملك سلسلة متكاملة من الإنتاج إلى التصدير(إنتاج، تجميع، معالجة، تصنيع، تصدير).
- هناك حاجة ماسة لإدخال التكنولوجيا ضمن المراحل الأساسية المختلفة لإنتاج وتجهيز وتسويق البن (أنظمة تتبع رقمي لضمان الجودة، منصات رقمية لربط المزارعين بالمصدرين).
- أهمية تعزيز فرص التمويل لهذا المحصول من خلال إنشاء صندوق خاص لتمويل مراحل الإنتاج والتوزيع المختلفة وبالأخص في مرحلة التصنيع المحلي (تقرير البنك الدولي 2023).
- ضرورة سياسات داعمة للمنتجين والمصنعين والمصدرين للبن (إعفاءات ضريبية لوحدات التصنيع المحلي، دعم إنشاء مراكز اختبار جودة)
فرص الاستثمارات في قطاع البن في اليمن
بالرغم من محدودية قطاع البن في اليمن في الوقت الراهن، إلا أنه يمتلك الكثير من المزايا والإمكانيات المتاحة التي تجعل منه أحد الموارد المالية الكبيرة على مستوى الفرد (المزارع) أو القطاع الزراعي أو التجاري، وبالأخص وأن البن اليمني يمتلك ميزة نسبية كبيرة في الأسواق الدولية سواءً من حيث السعر أو الجودة. وبحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، فإن توسعة القطاع بمبلغ 61.2 مليون دولار يمكن أن يفيد نحو 98,000 مزارع، وبعوائد إضافية تصل إلى 1,415 دولار لكل فرد وتحسن في سعر العائد الداخلي بحوالي 20٪ . كما يمكن لهذا القطاع أن يسهم بصورة كبيرة في توفير عملات أجنبية ويساهم في تمكين المرأة والشباب، كما يمكن للمستثمرين الدخول في مجالات مثل إنتاج البن، معالجة البن، وتسويقه عالمياً. يمكن أيضاً الاستثمار في تطوير البنية التحتية لزراعة البن، مثل إنشاء الخزانات وحفر الآبار لتحسين الري، ودعم المزارعين لتطوير مزارعهم.
فرص الاستثمار في البن اليمني:
ويمكن استعراض أهم الفرص الاستثمارية المتاحة في قطاع زراعة وتجهيز وتسويق وتصدير البن في التالي:
زراعة البن:
- زيادة المساحات المزروعة بالبن، خاصة في المناطق التي تتميز بظروف مناخية مناسبة للبن اليمني مثل يافع، حراز، المخا، وخولان.
- تحديث أساليب الزراعة وتحسين إنتاجية البن .
- نقل التكنولوجيا وتوفير التقنيات الحديثة للمزارعين لتحسين ممارسات الزراعة وزيادة الإنتاجية.
- إنشاء وتطوير مشاتل لإنتاج شتلات البن عالية الجودة والمتأقلمة مع البيئة اليمنية.
- الاستثمار في البنية التحتية الزراعية
- بناء خزانات لحصاد مياه الأمطار وإنشاء شبكات ري حديثة لتلبية احتياجات مزارع البن.
- الاستثمار في تحسين الطرق والمرافق في المناطق الزراعية لضمان سهولة نقل وتصدير البن.
- الاستثمار في مرافق التخزين.
التمويل
- تمويل مشاريع البن وتقديم قروض ميسرة للمستثمرين من قبل البنوك والمؤسسات المالية.
- بناء شراكات مع جهات تمويل إقليمية ودولية
- دعم تقني ومالي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطاع البن.
معالجة وتعبئة البن
- إنشاء مصانع غسيل وتجفيف
- إنشاء خطوط تحميص وتغليف متقدمة.
- الاستثمار في مراكز البحث والتطوير لتحسين جودة المنتج وزيادة قيمته وتطوير أصناف جديدة مقاومة للأمراض والظروف المناخية المتغيرة
- العلامة التجارية والتسويق الدولي
- الاستثمار في بناء علامة يمنية موحدة .
- إنشاء منصات رقمية لتسويق البن اليمني عالمياً، والترويج له كمنتج فاخر وفريد تسويق رقمي.
- تنظيم مهرجانات ومعارض للبن اليمني في اليمن وخارجها لتعريف العالم بمنتجات البن اليمني المميزة بناء شراكات مع المقاهي الراقية في جميع أنحاء العالم لتوريد البن اليمني وتقديمه للعملاء.
المقاهي المتخصصة والمبيعات المباشرة
- فتح محلات تجزئة للبن اليمني
- الترويج لتجربة القهوة اليمنية.
التوصيات.
بناء على ما سبق، يمكن القول أن إنتاج وزراعة البن في اليمن يمكن أن يكون له مردود اقتصادي واجتماعي وإنساني وثقافي كبير بالنسبة لليمن وبالأخص في ظل ما يتمتع به هذا المحصول من أهمية اقتصادية كبيرة على المستويين المحلي والدولي، ولتعزيز مكانة البن في المجتمع اليمني وبالأخص المكانة الاقتصادية باعتباره محصولاً نقدياً عالمياً، تقدم الورقة مجموعة من التوصيات بهدف تعزيز وتطوير زراعة وتجهيز وتسويق البن في اليمن، وذلك على النحو الآتي:
4-1. توصيات للحكومة اليمنية
- وضع استراتيجية وطنية لتطوير قطاع البن تشمل الزراعة، المعالجة، التسويق، والتصدير.
- سن تشريعات داعمة للاستثمار توفر حماية قانونية وضريبية للمستثمرين في البن.
- تحسين البنية التحتية الريفية (طرقات، مياه، كهرباء) لدعم المزارعين والمستثمرين.
- تفعيل الرقابة على جودة البن ومنع التهريب ووضع معايير وطنية للتصنيف.
- دعم المزارعين بالتمويل والتدريب من خلال شراكات مع منظمات تنموية.
- تعزيز التعاون بين الوزارات والهيئات ذات العلاقة (الزراعة، التجارة، الاستثمار، البيئة، اتحاد الغرف التجارية).
- تثبيت يوم وطني للاحتفال بشجرة البن اليمني، وتقدير أهميتها الاقتصادية والثقافية.
توصيات للمستثمرين:
- التركيز على الاستثمار في سلسلة القيمة: من الزراعة إلى التحميص والتغليف والتصدير.
- إنشاء شراكات مباشرة مع المزارعين عبر الجمعيات التعاونية لضمان الاستدامة والجودة.
- استهداف الأسواق المتخصصة بالقهوة الفاخرة (مثل الخليج، اليابان، أوروبا).
- الاستفادة من التمويل الدولي ومبادرات المسؤولية الاجتماعية.
- تطوير منتجات متنوعة (قهوة مطحونة، معبأة، جاهزة للشرب) تحمل علامة تجارية يمنية.
- إنشاء مقاهٍ متخصصة في المدن العالمية للترويج للبن اليمني كمنتج فاخر.
توصيات للمزارعين:
- تحسين الممارسات الزراعية، والاستفادة من المؤسسات البحثية والإرشادية.
- العمل على إنشاء كيان مؤسسي مستقل لتنمية وتطوير زراعة البن،
- الاهتمام بصيانة المدرجات الزراعية والعمل على إنشاء وصيانة البرك والخزانات المائية،
- إبراز مكانة البن اليمني من خلال التوعية الإعلامية والمناهج التعليمية.



